مشروع قانون المالية 2025: رقمنة الإجراءات وتشديد العقوبات لمواجهة التهرب الضريبي في المغرب
في إطار جهود الحكومة المغربية لتحديث النظام الضريبي وتعزيز الشفافية، حمل مشروع قانون المالية لسنة 2025 مجموعة من التدابير الصارمة، التي تستهدف بالأساس المهنيين المكلفين بتسجيل العقود وتدبير عمليات نقل الملكية، وخصوصاً في القطاع العقاري. وتركز هذه التدابير على الرقمنة كأداة رئيسية لتبسيط الإجراءات وتقليل التهرب الضريبي، مع فرض غرامات مالية ثقيلة على المخالفين.
الرقمنة لتحسين النظام الضريبي
تعد الرقمنة عنصراً جوهرياً في الإصلاحات الحكومية، إذ يُلزم مشروع قانون المالية جميع الموثقين، العدول، والخبراء المحاسبين بتوجيه العقود إلكترونياً إلى الإدارة الضريبية. هذا الإجراء يمثل خطوة نحو تنظيم وتبسيط الإجراءات المتعلقة بتسجيل العقود وتعزيز مراقبة العمليات الإدارية والمالية. الهدف من هذا الإجراء هو ضبط الوعاء الضريبي وزيادة فعالية التحصيل الجبائي.
رغم أن الرقمنة تُعتبر خطوة إيجابية، فإن هناك تحديات قد تواجه بعض المهنيين، خاصة في المناطق التي تعاني من ضعف البنية التحتية التكنولوجية. مع ذلك، فإن تقليص التدخل البشري سيسهم في تعزيز الشفافية وتقليل فرص الفساد.
غرامات مالية لردع المخالفات
إلى جانب إلزامية الرقمنة، نص مشروع القانون على فرض غرامات مالية تتراوح بين 10 آلاف و50 ألف درهم على المهنيين الذين لا يلتزمون بالإجراءات الجديدة. على سبيل المثال، في حالة عدم توجيه العقود إلكترونياً أو تقديم معلومات غير صحيحة، تُفرض غرامة بقيمة 10 آلاف درهم. تهدف هذه العقوبات إلى ردع محاولات التهرب الضريبي وضمان التزام المهنيين بالقوانين.
تحسين بيئة الأعمال العقارية
التعديلات تشمل أيضاً المحافظين العقاريين، حيث يمنع عليهم تسلم أي عقد غير مرفق بشهادة من إدارة الضرائب تثبت أن إجراءات التسجيل قد تمت والرسوم المستحقة قد تم أداؤها. يُتوقع أن يؤدي هذا الإجراء إلى تقليص زمن معالجة الملفات العقارية، مما سيعزز جاذبية السوق العقارية في المغرب ويزيد من حماية المستثمرين.
آراء الخبراء والمهنيين
عبد الإله شناني، خبير محاسب، يرى أن “الرقمنة ضرورية لتعزيز الشفافية والحد من الفساد، إذ ستتيح الرقابة الإلكترونية متابعة دقيقة للعمليات”. ويضيف أن التحدي الأكبر هو قدرة الجميع على التأقلم مع التغييرات التقنية، وأن هذه الخطوة ستؤدي إلى تحسين فعالية النظام الجبائي بمرور الوقت.
من جانبه، أشار محمد أورايس، موثق في الدار البيضاء، إلى أن “التدابير الجديدة ستساهم في تحسين مناخ الأعمال وتقليل التلاعبات في المعاملات العقارية”. كما أكد أن الرقابة الرقمية والغرامات ستكون أدوات قوية لمواجهة التهرب الضريبي.
خاتمة
تمثل التدابير الجديدة التي أتى بها مشروع قانون المالية لسنة 2025 خطوة حاسمة نحو تعزيز الشفافية والحد من التهرب الضريبي في المملكة. الرقمنة ليست فقط وسيلة لتحسين العمليات الإدارية، بل أداة لضمان الالتزام بالقوانين وتعزيز الثقة في بيئة الأعمال، خاصة في القطاع العقاري الذي يُعد من القطاعات الحيوية للاقتصاد المغربي.